الخميس، ٢٧ ذو الحجة ١٤٢٩ هـ

ان حكينا ندمنا وان سكتنا قهر!!

كنت قد انهيت رواية بلزاك البحث عن المطلق وكانت رواية تستحق القراءة وقد لامست بعض الافكار التي كنت اتأمل فيها قبل الرواية . كانت الزوجة جوزفين في الرواية تشتكي من انها لاتفهم زوجها عالم الكيمياء ,مما جعلها في حيرة من امرها رغم حبها الشديد له الا انه لم يفتأ بتذكيرها انها لاتفهم عما كان يتحدث ولاتستطيع ان تناقشه في العديد من الامور مما دفعها الى قراءة كتب الكيمياء وتثقيف نفسها بنفسها في هذا المجال رغم مرور خمسة عشر سنة على زواجهما وكان من الواضح في تصوير بلزاك لحال هذه الزوجة صعوبة الامر بالنسبة لشخص الذي لايجد حوله من يفهمه ولايستطيع مناقشته في كثيؤر من القضايا المفيدة ولعل قول الشاعر حمزه شحاته من انسب الاقوال لكي اورده هنا "ان من اقسى الاشياء ان تدور بعيناك محملقاً فيمن حولك ولاتجد من يفهمك" اعاننا الله على الحملقة !!!

عدم الانسجام الفكري عذاب لكلا الطرفين فالطرف المثقف يمضي وقته محملقاً شارداً في عالم اوسع من هذا الحديث الذي امامه وفي احسن الاحوال متأملاً الوضع الذي اضطر ان يرزح تحت وطأته الى مايشاء الله محاولاً اكتشاف الدوافع والفائدة من هذه الاحاديث , وبالمقابل تجد الطرف الاقل ثقافة يتحدث باريحية كاملة وفي بعض الاحيان يتهم الطرف المثقف بالغطرسة الثقافية او الجنون والهلوسة او ان كان ممن يكن لهذا المثقف الحب والاحترام فتجده يستجدي المواضيع من حصيلته المتواضعة ويحاول ان يناقشها مع الطرف الاخر والذي يجدها مواضيع قد عفى عليها الزمن بالنسبة لها او انها مستهلكة بشكل مبالغ فيه فيصبح الحديث عنها بمثابة الحرث في الماء وتنتهي المحادثة بأن يرجع احد الطرفين بخفيّ حنين وقد اضاع وقته فيما لاطائل منه,فكم هو مؤسف ان تجد من يحبك وتحبه ويحاول ان يتسلقك لكي يناقشك فعليك بالمقابل ان تنزل اليه مما يضيع الكثير عليك او ان تتجاهله وهو لايستحق ذلك التجاهل لأن غرضه الاساسي هو اسعادك بالوصول الى قاعدة نقاش متشابهة فهل تصورتم مقدار الالم. وتنتهي المعادلة بهذه النتيجة:

حوار بين شخص واسع الاطلاع والقراءة +شخص ضيق ومحدود التفكير= ان حكينا ندمنا وان سكتنا قهر :)